لماذا لم تكن الحروف الرخوة مقدرة

لماذا لم تكن الحروف الرخوة مقدرة

أكتوبر 3, 2024 - 23:38
أبريل 7, 2025 - 20:23
 0  322
لماذا لم تكن الحروف الرخوة مقدرة
الرخاوة والتفشي في حرف الشين

السؤال:

المخرج المقدر لا ينقطع فيه الصوت ولا نستطيع أن ننسب الحرف فيه إلى حيز معين. لكن يوجد أيضا حروف أخرى لا ينقطع فيها الصوت في نقطة معينة ومع ذلك نعتبرها محققة مثل الصاد والشين والحاء وغيرها، فما تفسير ذلك؟

 

الجواب:

المخرج المقدر هو الذي لا نستطيع فيه أن ننسب الحرف إلى حيز معين أو بالأحرى لا يمكن أن نحدد من أي نقطة بالضبط يخرج هذا الحرف وبالتالي يصبح المجرى الصوتي كله مخرجا له. وهذا موجود في حروف المد فقط حيث تخرج من الجوف وهو المخرج المقدر الوحيد.

أما المخرج المحقق فهو الذي ينضغط فيه صوت الحرف وربما ينقطع في نقطة معينة من جهاز النطق، وبالتالي تصبح منطقة القطع مخرجا لهذا الحرف. لو تكلمنا مثلا على حرف العين، فرغم أن الصوت لا ينقطع في العين إلا أن مخرجها محقق ونستطيع أن نحدده بكل وضوح. فالعين تخرج من وسط الحلق وبالتحديد من منطقة لسان المزمار حيث ينضغط الصوت بشكل واضح في تلك النقطة من خلال رجوع لسان المزمار إلى جدار الحلق وهذا أمر ملموس ويستطيع الإنسان أن يشعر به فضلا عن ذلك فإن الصوت في الحروف المحققة يصدر من نقطة الانضغاط ولا يخرج من نقطة قبلها أو بعدها فهذا أيضا توضيح آخر لمعنى كون المخرج محققا. كذلك أيضا بقية الحروف مثل الصاد التي لا ينقطع فيها الصوت لكن يحدث الانضغاط ويصدر صوت الحرف من نقطة محددة وواضحة وهي رأس اللسان مع أسفل الصفحة الداخلية للثنايا السفلى، ولهذا السبب صار مخرج الصاد محققا.

إن الصورة المثالية التي تعبر عن المخرج المحقق تتمثل في الحروف الشديدة (أجد قط بكت) حيث ينقفل المخرج وينقطع الصوت في نقطة محددة. ولكن ليس شرطا أن ينقطع الصوت في كل حرف محقق ، بل يكفي أن ينضغط الصوت وبصدر من نقطة معينة يكون عندها مخرج الحرف. وقد يكون انضغاط الصوت قويا وواضحا كما هو الحال في العين والفاء والسين وقد يكون انضغاط الصوت ضعيفا كما هو الحال في الحاء والهاء. ولكن رغم ضعف انضغاط الصوت إلا أنه كاف لتحقق المخرج.

وعموما حصل خلاف بين العلماء في تحديد طبيعة المخرج المقدر. فذهب سيبويه إلى إنكار وجود المخرج المقدر من الأساس، فلا يوجد لديه مخرج اسمه الجوف ولذلك عدد المخارج عنده 16 مخرجا. والسبب أنه لم يجد أي فرق بين مخرج الألف والواو والياء المدية (المقدر) وبين مخرج الهمزة والواو والياء اللينية (المحقق) وبالتالي لم يجد مبررا لجعل حروف المد من مخرج مستقل مقدر هو الجوف. فجعل الألف مع الهمزة من أقصى الحلق. وجعل الواو المدية مع الواو غير المدية من الشفتين. وجعل الياء المدية مع الياء غير المدية من وسط اللسان.

بينما الإمام ابن الجزري وقبله الإمام الفراهيدي قالا بوجود مخرج مقدر هو الجوف ونسبا إليه حروف المد الثلاثة. وحجتهم في ذلك أن انضغاط الصوت في الحروف المدية أقل من انضغاطه في غير المدية. فحروف المد تخرج باهتزاز الوترين الصوتيبن في الحنجرة ويكون اللسان في وضع الراحة في الألف وتنضم الشفتان إلى الأمام ويرتفع أقصى اللسان في الواو بينما ينخفض الفك السفلي ويرتفع وسط اللسان في الياء. ورغم أن هذا موجود أيضا في الواو والياء غير المديتين إلا أن انضغاط الصوت في المديتين أقل منه في المديتين. فبهذه الطريقة تم تعليل سبب الحاجة لوجود مخرج اسمه مخرج الجوف.

والخلاف بين الفريقين هو خلاف نظري فقط وليس له أي ثمرة عملية. فسواء اعتبرنا مخرج حروف المد مقدرا أو اعتبرناه محققا فإن ذلك لن يؤثر في نطق هذه الحروف. بل يبقى القارئ ملزما بأن ينطقها صحيحة فصيحة دون أدنى لحن.

فمن خلال ما سبق يتبين لنا الفرق بين المخرج المحقق والمخرج المقدر ولماذا نعتبر مخارج بعض الحروف محققة رغم أن الصوت لا ينقطع فيها.

والله أعلم.