لماذا الراء ليس حرفا من حروف الاستعلاء

لماذا لا يُعتبر الرَّاء حرفًا من حروفِ الاستعلاء؟
تقسَم الحروفُ العربية من حيثُ اتجاهُ الصَّوْت إلى مستعلية هي (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ) حيثُ يتجه فيها الصَّوْت إلى قُبَّة الحنكِ الأعلى، ومستفلةٍ هي باقي حروفِ الهجاءِ حيثُ لا يتجه فيها الصَّوْت إلى قُبَّة الحنكِ الأعلى.
ويَنتجُ عن الاستعلاءِ التفخيمُ، فعندما يتجه الصَّوْت إلى قُبَّة الحنكِ الأعلى يَنتجُ عن ذلك مباشرةً حدوثَ التَّفخيم، ولذلك توصَفُ الحروفُ المستعلية بأنها مفخمة دائما، فكل حرف مُسْتَعْلٍ مفخَّم، وفي المقابل يَنتجُ عن الاستفالِ الترقيق، وعندما لا يتجه الصَّوْت إلى قُبَّة الحنكِ الأعلى يصبحُ الحرفُ مرقَّقا، ولكن لا يصح أن نقول بأن كل حرفٍ مستفلٍ مرقَّق لأنه يوجدُ حروف تفخم وترقق أحيانا هي الألِفُ واللام والرَّاء.
وحتى يحدث التفخيم لا بدَّ من تحقُّقِ عدة أمور هي تضيُّقُ الحلق وتقعُّر اللِّسان وتَصعُّدُ الصَّوْتِ إلى قُبَّة الحنكِ الأعلى، وهذه آليَّة موحَّدة وتحدث عند تفخيم أي حرفٍ سواءٌ كان من حروف الاستعلاء (خص ضغط قظ) أو كان ألفًا أو لامًا أو راءً مفخمة، فكما أن الحلقَ يتضيَّقُ ويتصعَّدُ الصَّوْتُ إلى قُبَّة الحنك الأعلى عند نطقِ الضَّاد، كذلك يتضيَّقُ الحلقُ ويتصعَّد الصَّوْتُ إلى قُبَّة الحنك الأعلى عند نُطقِ الرَّاء المفخمة، ومن هنا جاء السؤال الذي نناقشه في هذه المقالة، فطالما أن الصَّوْتَ يتصعَّدُ عند نطقِ الرَّاء كما يتصعَّدُ عند نطقِ حروفِ الاستعلاء؛ فلماذا لم يُعتبرِ الرَّاءُ حرفًا من حروف الاستعلاء؟
للإجابة على هذا السؤالِ لا بدَّ من توضيحِ الفرقِ بين الصفات اللازمة (الأصلية) والصفاتِ العارضة، فالصفاتُ اللازمةُ هي التي تلازم الحرفَ ولا تنفكُّ عنه بأي حال من الأحوال كالهمسِ والجهرِ والشِّدة والرخاوة والبينيَّة والاستعلاء والاستفال وغيرِها، أما الصفاتُ العارضةُ فهي الصفاتُ التي توجدُ في الحرفِ أحيانًا وتفارقُه أحيانًا أخرى كالتفخيم والترقيق والقلقلة واللِّين وغيرها.
وبما أن الرَّاء تفخَّم أحيانا وترقَّق أحيانا أخرى فهذا يعني أن التفخيمَ صفةٌ عارضةٌ لها وليست صفة لازمة، وبناء على ذلك لو كانتِ الرَّاءُ مفخمة دائما لأشبهت حروفَ الاستعلاء، إلا أنها ليست كذلك كما بيَّنَا، فهذا هو الجواب على هذا السؤال.
- والله أعلم-